حوار المستشار والكاتب أشرف اسماعيل والمحامى بالنقض والدستوريه لجريدة العالم الحر و المحاور أحمد فتحى رزق
حوار المستشار والكاتب أشرف اسماعيل والمحامى بالنقض لجريدة العالم الحر والمحاور أحمد فتحى رزق
مرحباً بكم
س / فى خضم الأحداث الأخيرة التى تعيشها مصر ومع كثرة الأقاويل وتنوعها واختلاطها واختلاقها حارت عقولنا وتاهت منا السبل وكان لابد لنا من رأى سديد و قول رشيد ، ومن هنا كان اختيار نا لكم للحوار ..
س- بداية قال البعض أن اللجوء إلى صندوق النقد الدولي كان هو الحل الأمثل الوحيد لإنقاذ مصر .إلى أى مدى تتفق مع هذا القول ؟
هذا القول أختلف معه قولاً واحداً كون صندوق النقد الدولى وإن كان أداة إقراض للدول لمعالجة ترنحاتها الإقتصادية إلا أنه لايخلو من مقاصد سياسية من ورائه كحال المرابى الإنجليزى القديم . لذا نرى قائمة من الشروط والمطالب التى يقدمها الصندوق للدول طالبة القروض – صحيح هى قروض مغرية بنسب فائدة ضئيلة الا أنها تحمل فى داخلها تدخلات سافرة فى شؤون الدول تلك ربما تمثل ضغوطاً إقتصادية خانقة على شعوب تلك الدول ولاشك أن لهذا تداعيات جماهيرية على الأنظمة بما يصب فى صالح القوى المناوئة لتلك الدول فى خلق حالة سخط عام شعبى عليها بتداعيات عدم الإستقرار .. وغالباً لم نجد صندوق النقد تدخل فى شؤون دولة الا غلبت المقاصد السياسية لديه المقاصد الإقتصادية الداعمة .. فكثيراً مانراه يترك البلد حاملا عبء دين ضخم يستحيل سداده ثم يعرض اعادة تمويل هذا الدين و دفع المزيد من الفائدة و يتطلب هذا مقابل ما يطلق عليه المشروطية الإقتصادية و هو ما يعنى بالأساس انه يتوجب على تلك الدول من بعد بيع مواردها بما فى ذلك العديد من خدماتها الاجتماعية و شركاتها ومرافقها واحيانا نظمها المدرسية ،نظام عقوباتها والنظم التأمينية بها .. الى القوى الإقتصادية الأجنبية ولقد أثبت تاريخ الصندوق ومنذ إنشائه ذلك فنجد مصر مثلاً كان أول قرض لها عام 1987 بقيمة 186 مليون دولار عهد الرئيس السادات . وقد أعقبه أن قام وزير المالية القيسونى آنذاك فى مجلس الشعب بقوله ( آن لنا أن نتخذ إجراءات إقتصادية ضرورية ) والتي كانت نتيجتها زيادة في أسعار السلع الأساسية مثل الخبز والبنزين والبوتجاز والسكر والأرز وغيرها من السلع بزيادة تتراوح من 30 إلي 50 %.انتفاضة 19 يناير وهو ما دفع السادات آنذاك إلي فرض حالة حظر التجول وأمر الجيش بالنزول إلي الشارع للسيطرة علي التظاهرات.وسرعان ما تراجعت السلطة عن هذه القرارات لتفادي مزيد من التوتر والمظاهرات الشعبية في البلاد ..
ربما تداعيات الإجراءات الإقتصادية الأخيرة إنفاذاً لتعليمات الصندوق الدولى وبرغم قوتها لم تأتِ بذات ماحدث إبان السادات لكون الشعب خرج لتوه من ثورة ضخمة جدا فى يناير كما وتصحيح مسارات قوية جدا فى يونيو لم يشأ الشعب أن يواجه بذات تداعياتهما من الرجوع للمربع رقم واحد فيؤثر الصبر بالتماسك على خلفية وعود الحكم والحكومة أنها فترة مؤقتة ضرورية يبات رفضها مدعاة لتراجع إقتصادى رهيب خانق كما ولزومية هذا للإسراع فى عجلة التنمية لكن لاشك كان لهذا أثر كبير بل ولاأتجاهل تداعياته المستقبلية الأقرب على وضع الإستقرار ..كون هناك جماعات أصولية كما واليسار الثورى يتحفزان لهكذا خطوات كى يلعبان على وتيرة آلام الفقراء واللذين بلاشك يدفعوا الآن فواتير باهظة الكلفة من وراء تلك الإجراءات والتى أرى وإنقاذاً لتداعياتها ولو فى هامش مقبول قيام الدولة بدورها فى ضبط الأسعار ومراقبة الأسواق كما وإتخاذ إجراءات حازمة لتقليل الفوارق فى الدخول بمعنى العدالة الإجتماعية الحقيقة الواجبة . اللهم ان لم يحدث لاشك سيكون هناك تداعيات لايمكننى كقارىء أن أجحدها ولو فى مستقبلها القريب أو على الأقل بالإنتخابات الرئاسية القادمة .
س/ هل ما يفعله الرئيس السيسي يخدم الأجيال القادمة ؟ لو كانت الإجابة بالإثبات ، فماذا عن فقراء اليوم ؟
السؤال يحمل إجابته من جانب السائل كون اجابتنا ليس منطقياً أن تكون بالنفى والا لكنا نسير فى مسار التخوين وهذا فرض لايقبله عاقل كون الرئيس السيسى هو حاكم جاء بالإنتخاب الحر لشعب أتى به ليحكمه فى إنتخابات نزيهة كما وأن الرجل لايمكن إغفال حجم دوره فى رأب صدع الجبهة الداخلية وصونها من الإنقسام فى أخطر مراحل مصر التاريخية ولو كان الرجل على عكس الوطنية لما احدث تماسكاً بل ولأودى بالبلاد لآتون الفوضى لاتنتهى كما وأن الرجل لاننسى أنه كان وزير دفاع لمصر من قبل الرئاسة ولا يمكن لوزير دفاع ألا يكون وطنياً وإلا لشتت الجيش فرقاً شتى . هذا الفرض غير موجود لكن ربما مايصح قوله هو حق النقد له كسياسى كون الحاكم ليس ضمن منظومة ثيوقراطية تؤمن بتنزهه عن الذلل والخطأ – الرئيس السيسى له ماله وعليه ماعليه – عن نفسى كقارىء أثمن للرئيس كثير الإجراءات والقرارات على الصعيد الوطنى وفى محل مواجهة الإرهاب ولولا قراراته تلك فى مواجهته لوصل الإرهاب أسفل شرفات منازلنا كما ودول عربية محيطة .. وإن كنت أرى وبالتوازى أن هناك العديد من القرارات كذلك كانت تحتاج دراسة لوجهات نظر أخرى كانت ستتحقق بها نتاجات أفضل .
لاشك نقول هذا كقارىء ونتمنى عدم صحته فى ضوء تقارير هى ربما تتواجد لدى صانع القرار ولاتتواجد بين أيادينا وإن كنا نقول وبقوة ماهكذا تدار الأنظمة الديموقراطية أو تدير شعوبها كون الديموقراطية ترفض فكرة الوصاية المطلقة وأن الحكام هم من يعلمون مصالح شعوبهم ولايجب على الأخيرين ألا يناقشونهم كونهم هم الأدرى بالآمال العظمى لهم ولأوطانهم .. وأعتقد أن الرئيس السادات كان لديه ذات المنطق فى الحكم المنفرد فأبرم كامب دايفيد بدهاء ماله مثيل لكن كان نتاج رفضه المعارضة ومناقشتها تحميل الأجيال المستقبلية تداعيات الآثار الجانبية لكامب دايفيد والتى كان يمكن تلافيها إذا مافتح مجال التواجد للمعارضة بمناقشتها فكان يتخذ ساعتها من المعارضة تلك كروتاً ضاغطة على مائدة التفاوض كى يتحلل من العديد من تلك الإلتزامات ومنها إلتزامات لاشك خطيرة حملت السيادة الوطنية ضعف قوتها فى المنطقة ج مما أدى للعديد من الإنتهاكات والتى من ورائها اسرائيل بالأساس وبرغم كونها الطرف الثانى فى الإتفاقية فوجدنا آلاف الأنفاق فى جدار الوطن كما والعديد من العمليات الإرهابية التى كانت تنفذ منها بل والأخطر قيدتنا كمصريين من الخروج من قبضة الإتفاقية تلك الا بممارسة دهاءات جديدة يمارسها الحكم الحالى وان كنت أراها كانت تحتاج لإفساح المجال للرأى الآخر قصد دراسة كافية كى لاتتحمل الأجيال القادمة بذات الفواتير القديمة نتاج قرارات تدفعها الوطنية القوية لكن من دون إعتبار للمعارضة فيها تخفيفاً من حدة تداعياتها المستقبلية .
س/ قالها جارى ذلك الفلاح البسيط …( رسونا على بر يا ولاد ) إيه حكاية الجزيرتين ؟ فماذا نقول له ؟
من التعبيرات الشائعه والتى أرفضها كلمة باع رئيس دولة جزء من سيادة دولته فليس يعنى التعبير سوى تخوين الحاكم وبدورى لاأقول الا ماقلته إبان حكم مرسى حين تردد عزمه التنازل عن حلايب وشلاتين للسودان وجزء من سيناء لغزة – ساعتها قلت أنا لاأعطى لهذا الكلام بالاً ولايعنينى كون هناك جيش لو رأى لهذا الكلام صحة لتدخل فى المشهد فوراً وقد حدث كون الجيوش لاتتحمل فواتير تثقل سيادة دولها أمام التاريخ وهذا قول فصل .. أما والجيش اليوم من وراء الرئيس فلايمكننى أن أذهب بعقلى حدود ذلك كون الجيش لو رأى صحة هكذا مظان لتدخل فى المشهد فوراً كونه يحمى السيادة بالأساس ..
لذا فى نظرى ومادام الجيش لايزال من وراء الرئيس فلامجال للتخوين والقول بأن السيسى باع الجزيرتين – لذا يبات القول بالتبرير فى ضوء صمت الجيش ودعمه للرئيس مطلوباً – لذا أتمسك بالقول أن أمر الجزيرتين لايعدو أن يكون فكاكاً من ربقة كامب دايفيد لكن بمنهاج هو فى نظرى محل نظر لكن ليس لدينا الدافع على هدره كون دوافع الرئيس ومن ورائه الجيش يؤيده هى وطنية بالمفترض لايقبل هذا العكس الا بإجراءات من الجيش مواجهة هى لم تحدث . ومادامت لم تحدث فإننا نحصر التقييم ليس فى الخيانة بالبيع بل فى إستخدام الجزيرتين كورقة لعب سياسى عالى الكلفة للفكاك من ربقة كامب دايفيد وللتحكم الفعلى فى بوابة خليج السويس بدلاً من السيادة من دون فاعلية .. وأعتقد الهدف قوى فى نتاجه بالفاعلية وان كان المنهاج محل نظر لأن الدول لاتستخدم أراضيها ككروت سياسية لاعبة حتى ولو سيتحقق من ورائها عظيم حماية لكامل الأوطان كون النتاج أخطر مايكون على العقيدة القتالية للجيوش بقتل وازع السيادة الحامية – بل وعلى محامل التشكيك بآثاره فى صانعى القرار به خاصة فى ظل ظهير قضائى قد أعطى مسحة النفى كان لايمكن تجاهل مردوده فى وجادين الناس حتى ولو تم تقويضه فيما بعد إذ سيظل حكم القضاء المبتدىء من دون شك ظهيراً لإنتقاد الإتفاقية من قبل المناوئين لحكم الرئيس بالأساس وبرغم سمو مقاصدها المفترضة – وأعتقد هذا مايريد قوله المعارضون وإن لم يقدروا على صياغته بلغة سياسية صحيحة – لكن فى نظرى أن الرئيس السياسى رئيس وطنى جدا هو مارس الحكم بعقل رجل المعلومات كرجل مخابرات ورجل المخابرات غالباً لايأبه بمردود الناس على قراراته أو أفعاله الوطنية انما يحرص فقط على حكم التاريخ عليه ولو ناله الشعب بالتخوين فى حينه – فكثيراً مارأينا قصص رجال المخابرات محل ظنون ومايلبث التاريخ أن يثبت عظيم وطنيتها لكن من بعد سنواتٍ بعيدة – أعتقد أن الرئيس من وراء قراراته كان يعمد للشق الوطنى بحكم التاريخ عليه لا بمردود الشارع عليه الآنى – لذا أعود وأؤكد أن الرئيس يمارس خطوات وطنية دليل هذا وجود الجيش من ورائه اللهم الا اذا أخذ الجيش رأياً مختلف يبات ساعتها هذا التقييم لا أساس له لنعود للتقيم المستبعد وهذا فى نظرى لن يحدث . وإن كنت أرى أن تداعيات ضبابية القرارات وخاصة فى أمر الجزيرتين وان كانت الضبابية ربما تتطلبها مقاصدها الوطنية بالقطع بعدم إذاعة الخطوات وخططها الا أن الشعوب تحتاج لبصيص ضوء من شرح على الأقل من محللين سياسيين يوضحوا للناس الأهداف ومن دون أن تتحمل الدولة عبء تصريحاتهم من جانب كما وأن يهدءوا روع الناس من وراء كثافة الضبابية تلك شريطة أن يكون هؤلاء المحللين يكتسبون ثقة الشعب ومصداقيته وقدرتهم على الإقناع بعظيم الآمال . إنما الإهمال المطلق للجماهير بالإقناع والتفسير ولو بهوامش ضئيلة هو من شأنه يزيد الضبابية كثافةً بما يصب فى صالح الراديكاليين كما واليسار الثورى والذى لاشك سيمارس العزف على وتيرة التخوين تارة وعلى وتيرة أوجاع الفقراء من وراء القرارات الإقتصادية الغليظة تارةً أخرى . لذا فبالمجمل يمكننى القول أن المعالجة بالتخريج السياسى غائبة وبرغم فرضية الوطنية كمسلمات .
س / كيف ترى حكومة مصر ؟
أراها كما تراها أنت كما يراها كل المصريين هو هو ذات النمط المباركى يفتقر لوضوح الرؤية كما وخطط بمسارات مستحدثة تصب فى النهاية نحو اصلاح حقيقى منهجى على مسارات التعليم والثقافة والإعلام وإصلاح الخطاب الدينى – ولا أقول تعديله – من المؤسسات الدينية وغيرها ذوات الصلة.. وأعتقد أن المواطن يصب جام غضبه على سياسة الحكومة ربما أنها جاءت فى توقيت صعب فحملت فواتير ضخمة من وراء حالة أقرب ماتكون للإنهيار الإقتصادى – أو حتى إنهيار قيمى خلفته فوضى ثورية فى يناير – وللعلم – الثورة أية ثورة لاتكون كذلك إن لم تتضمن حالة من عشوائية الفوضى لذا فيناير كانت ثورة بالمفهوم القانونى والتاريخى للثورات – لاشك معالجات تداعيات هذه الثورة وحتى تصحيح المسارات فى يونيو لاشك تحملت فواتيرها الحكومات المتعاقبة وحتى الحكومة الحالية وأعتقد أن بقاءها لن يستمر طويلاً على الأقل فى نظرى لإمتصاص عدم الرضا الجماهيرى من القرارات الإقتصادية الأخيرة وبذا تكون القرارات قد حققت مقاصدها لدى الرئيس وفى نفس الوقت يتم امتصاص مردودها الشعبى بإقالة الحكومة وربما لدى الرئيس عزم آخر . لكن لاشك كانت تلك الحكومة هى الأكثر تحملاً لفواتير باهظة هى ستظل محل حكم التاريخ على أدائها أصعبها موقفها من الجزيرتين والتى أتمنى أن يؤكد التاريخ – على وطنية القرارات فيها – لاشك هى أصعب حقبة وزارية تحملتها حكومة فى تاريخ مصر الحديث .
س / هل أنت متعاطف مع السيسى ومشفق عليه أم لا ؟ ولماذا ؟
بالقطع نعم كونه رئيس بلادى لاأتمنى له الفشل كون فشل الرئيس سيبات فشل وطن وهذا مستبعد من عقيدتنا الوطنية .
س / كيف ترى ٢٥ يناير ، و ٣٠ يونيو ؟
الأولى ثورة بكل ماتعنيه الكلمة من معانى قانونية وتاريخية والثانية ثورة تصحيحية واجبة لتصحيح المسارات ..وليس لنا أن نقرر بغير ماقرره دستور البلاد عنهما كثورتين هامتين فى تاريخ مصر قاطبةً .. ,اعتقد لولا تصحيح المسارات لفقدت ثورة يناير كافة كروتها المكتسبة إذ كانت ستسلم البلاد لحكم راديكالى هو لن ينتهى . هو يؤمن باللاحدود وتغيير فى الهوية .. بل وربما يفضى لإنقسام داخلى وهنا تحديداً تتجلى عبقرية التصحيح فى يونيو .
س / لو كنت مكان شريف اسماعيل ، ماذا كنت ستفعل ؟
كنت سأتقدم بإستقالتى من بعد القرارات الأخيرة ليس إعترافاً منى بخطأ القرارات كونها كانت واجبة ومفترضة بإتفاقنا مع صندوق النقد بالأساس لكن لكى أرفع الحرج عن جهاز الحكم الحالى وكى تكون مرحلة بتداعياتها وإنتهت .. فتحسم لى الوطنية بالمواقف والدهاء السياسى بالتقدير . بل ولكى أعطى أنظمة الحكم المستقبلية كروتاً لاعبة فى أمر الجزيرتين متى شاءت !
س / كيف ترى مستقبل مصر ؟
مستقبل مصر حسمه القرآن فى عدة مواضع ليس لمثلى أن أراهن على عكسه فمصر محفوظة بقرار رب لايأتى إنسان أن يهدمه .. أوليس الله تعالى قال فى كرم بلاد مصر ( وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ )
وفى منعة إقتصاد مصر ( إهبطوا مصر فإن لكم ماسألتم ) .. وفى أمن بلاد مصر ( إدخلوا منصر إن شاء الله آمنين ) ..
لاشك سيظلون هم فى رباطٍ إلى يوم الدين ..
وفى نهاية حوارنا الأول نتوجه بالشكر لرجل القانون والأديب اشرف اسماعيل على منحنا الفرصه والى وعد فى حوار آخر حسب المستجدات .
احمد فتحى رزق